أنشأ الفينيقيون مدينة بيروت عام 3000 قبل الميلاد، وكانت تعرف بإسم "بيريتوت". بعد تدميرها من قبل الملك السوري قرينون عام 140 قبل الميلاد، أعاد الرومان بناءها عام 14 قبل الميلاد. تعاقب على تولي الحكم فيها الأشوريون والإغريق والرومان والأتراك والفرنسيون. نعرض لكم الآثار المتبقية في وسط بيروت، بالإضافة إلى معالم سياحية أخرى من متاحف للمعادن الثمينة، والفن الحديث، وصخرة الروشة الشهيرة.


آثار وسط بيروت

في وسط بيروت، في كاتدرائية القديس جاورجيوس، يوجد متحف جوفي يضم آثاراً قيمة، وهو يمتد على مساحة 316 متراً مربعاً، ويحتوي على قطع أثرية قيّمة وفخاريات من مختلف العصور ورسوم جدارية. كما يختصر الحقبات التاريخية المتتالية التي مرّت على المدينة، حيث كان لكل حقبة كنيسة تُبنى على أنقاض سابقتها، منذ الهلنستية إلى الرومانية والبيزنطية فالقرون الوسطى والعثمانية.
الكاتدرائية الحالية تقوم على: كنيسة القيامة البيزنطية المعروفة بـ "أناستاسيس" التي دمّرها زلزال عام 551. وفوقها كنيسة من العصور الوسطى خلال القرنين 12 و13، تصدّعت بفعل الهزة الأرضية عام 1759، فدُمّرت وأعيد بناؤها عام 1764. وكنيسة موسَّعة بُنيت على شكل صليب عام 1772. وتُعتبر الأخيرة النواة التي أدخلت عليها التغييرات والإضافات الهندسية، فكانت الكنيسة الخامسة عام 1783، تلتها الكاتدرائية السادسة والأخيرة التي أعيد تأهيلها بعد الحرب اللبنانية.
يضمُّ المتحف المكتشفات الأثرية المنقولة وغير المنقولة التي عُثِر عليها خلال التنقيبات التي قام بها فريق من خبراء الآثار. يمكن الوصول إلى المتحف عبر درج ومدخل خارجيين من الناحية الشمالية للكاتدرائية، من دون المرور داخل حرمها. وإستخدمت في إطاره أحدث التقنيات في طريقة العرض والإنارة، وأسلوب التعريف والشرح الذي يعتمد على التسجيل والإستماع، على غرار المتاحف العالمية.
عند المدخل واجهات زجاجية تُعرَض فيها القطع الأثرية الصغيرة والمتوسطة الحجم المكتشفة في الموقع: صلبان تعود إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وفخَّاريات من مختلف الأحجام ولعدة استعمالات من جرار وأباريق وصحون وطناجر، وقناديل زيت وتماثيل صغيرة ورؤوس منقوشة، ومجموعة من البرونزيات، وغليون وحلي من العصر العثماني، من بينها خواتم وجدت في أصابع أرجل سيدة، وعقد من العقيق، وقرطان من المرجان.

المتحف الوطني

يضم المتحف الوطني مجموعات أثرية عن تاريخ الشعوب في لبنان، يصل عددها إلى حوالى 100 ألف قطعة، معظمها آثار وموجودات من العصور الوسطى، من الحفريات التي إضطلعت بها المديرية العامة للآثار، وتعرض حوالى 1300 قطعة أثرية، تتراوح في تأريخها ما بين عصور ما قبل التاريخ، وحقبة المماليك في العصور الوسطى.
إفتتح المتحف عام 1942، بحضور رئيس الجمهورية حينها ألفرد نقاش. في الطابق السفلي من المتحف، كنوز أثرية تضم أكبر مجموعة من النواويس المجسمة في العالم، إضافة إلى نصب فينيقية ومومياءات تعود للقرون الوسطى. تتألف المجموعة من 529 قطعة أثرية، لها علاقة بالجنائز ودفن الموتى، وتمتد من العصر الحجري حتى عهد السلطنة العثمانية. ومن الكنوز التي تتضمنها، قبر منحوت في الصخر، إكتشفه صدفة فلاح في منطقة صور جنوب لبنان عام 1937، ويحمل نقوشاً مستوحاة من الأساطير اليونانية.
أقدم المعروضات سنّ لإنسان "هوموسابيانس"، عاش على أرض لبنان منذ 70 ألف سنة قبل الميلاد. وفي الطابق السفلي واجهة قبر مزين بوجه لمريم العذراء يعود إلى العام 440.
وفي الطابقين الأرضي والأول، مقتنيات تعود إلى ما قبل التاريخ، إلى العصر الحجري، فنجد أبرز ما إستخدمه الإنسان الأول الذي عاش على شواطئ لبنان، من صواني نادرة من العصر الحجري الحديث 9000 - 4000 ق.م.، منها رأس حربة من صوّان كان يستخدم للصيد، وأدوات أخرى من العصر الكلكوليتي 4000 - 3200 ق.م. منها صنارة من النحاس، تعتبر من أولى الأدوات المعدنية التي إستخدمها الإنسان الجبيلي لصيد الأسماك.

متحف سرسق

متحف سرسق المعروف رسمياً بإسم متحف نيكولا إبراهيم سرسق، هو متحف للفن الحديث والمعاصر في العاصمة اللبنانية بيروت. مبنى المتحف هو مثال على فن العمارة اللبنانية المستوحاة من الطرازين الإيطالي والعثماني، وهو واحد من المباني القليلة المتبقية من عصرها في بيروت. أقيم في المتحف أكثر من 100 معرض، بما في ذلك عروض لأعمال فنانين لبنانيين وعالميين، وتشمل المجموعة الدائمة للمتحف قطعاً من الفن الحديث، والنقوش اليابانية، والفن الإسلامي، ويبلغ عددها أكثر من 800 عمل فني، من ضمنها اللوحات والمنحوتات والفنون التخطيطية من القرنين التاسع عشر والعشرين. إفتتح المعرض عام ١٩٦١، وأقفل عام ٢٠٠٨ لتجديده وتوسيعه من ١٥٠٠متر مربع إلى ٨٥٠٠ متر مربع، وهو يضم قاعة للمعارض، وقاعة محاضرات، ومخزناً للمجموعات الدائمة، ومكتبة، ومتجراً ومطعماً.

متحف "ميم"

متحف "ميم" هو متحف خاص يقع في حرم جامعة القديس يوسف، والهدف من إنشائه هو تعزيز العالم التاريخي والصناعي والإقتصادي والجمالي لعلم المعادن. جاء إسم المتحف من الحرف الرابع والعشرين من الأبجدية العربية (ميم)، الذي يعادل الحرف اللاتيني M، وهو أيضاً الحرف الأول من كلمتَي متحف ومعدن. أسس المتحف رجل الأعمال سليم إده، ليتشارك مع الجمهور تذوّق هذه المجموعة الفريدة والنادرة، التي تجمع بين الجمال والفن والثقافة. يضم المتحف 5 آلاف قطعة معدنية تعود إلى 70 بلداً، تشكلت من تكوينات جذابة من صنع الطبيعة والزمن، وتحولت إلى أشكال هندسية خلابة. توفر الزوايا المختلفة في المتحف، المعلومات عن كل معدن، من خلال أدوات إتصال حديثة، ووسائل سمعية وبصرية متطورة جداً، وهذا ينطبق على كل أقسام المتحف والمعدنيات، منها المشعة، أو تلك الحاضنة لمعادن ثمينة من فضة وذهب، أو أحجار كريمة، منها الزمرد والتوباز على أنواعه. ويضم المتحف أيضاً مجموعة متنوعة مستخرجة من صخور مقالع في قضاء جبيل، لاسيما من قرى حاقل، النمورة وحجولا، وهي قيمة وطنية وتاريخية في آن، وثروة علمية لما كانت عليه الحياة البحرية والحياة المائية، وتطور الكائنات الحية فيهما قبل ملايين الأعوام. ويضم المتحف أيضاً مجموعة أحافير أسماك، منها القرش، السردين وسمك أبو منشار، وصولاً إلى القشريات، منها القريدس، الكركند والأخطبوط، مروراً بأحافير السلحفاة، الأفاعي، والسحالي، وبعض أحافير الحشرات والنباتات، وأحفورة مجسم الطائر المجنح المعروف بـ"ميمودكتيلوس"، ومن جنس عُرف بـ"ليباننسيس" تيمناً بلبنان البلد المكتشف فيه هذه المتحجرة.


صخرة الروشة

صخرة الروشة معلم سياحي شهير في العاصمة اللبنانية، هو عبارة عن صخرتين كبيرتين على شاطئ منطقة الروشة مقابل الكورنيش البحري. تختلف المراجع حول أصل كلمة روشة، بين آرامية تعني "رأس" وفرنسية تعني "صخرة". يفترض علماء الجيولوجيا أن صخرة الروشة ظهرت، بسبب عدة زلازل قوية، ضربت بحر بيروت الغربي، في القرن الثالث عشر، وأدت الى القضاء على العديد من الجزر المأهولة في ذلك الوقت. الصخرتان لا تتساويان بالحجم، فإحداهما أكبر من الثانية، والكبيرة يخترق أسفلها نفق طبيعي، تمر عبره القوارب السياحية، ويبلغ إرتفاع الصخرة حوالى ٧٠ متراً. يقصد صخرة الروشة السواح لمشاهدتها وإلتقاط الصور التذكارية، والبعض يقوم بجولة بحرية في القوارب التي تبحر حول الصخرة، وهي مكان للنشاطات الوطنية والجتماعية والرياضية.
تمت إضاءة الصخرة عام ٢٠١٥ بألوان العلمين اللبناني والفرنسي، وذلك تضامناً مع فرنسا، إثر العملية الإرهابية التي تعرضت لها باريس، ويطلق على صخرة الروشة صخرة الحمام وصخرة الحب.